تمخضت البورصة فولدت توصيات عشوائية ومسكنات وقتية.. فصل جديد من مسرحية هزيلة طالت فصولها.. وأصابت المستثمرين بالملل والغثيان بشأن سوق خارج المقصورة الذي بات شوكة في حلق العديد من المجالس المتعاقبة بإدارة البورصة، خاصة بعد التوصيات الأخيرة.
السوق الذي ظل مثار جدل لفترة تجاوزت 3 سنوات وبالتحديد منذ يونيو 2007 عندما قرر الدكتور هاني سري الدين رئيس هيئة سوق المال الأسبق إلغاء سوق الخارج، وبمجرد خروج سري الدين من منصبه في »يوليو« من نفس العام السابق، وتولي الدكتور أحمد سعد رئيس الهيئة السابق لتنقلب الموازين بقراره الفجائي بالإبقاء علي سوق الخارج، والذي تزامن أيضًا مع صدور حكم قضائي لشركة العربية للاستثمارات والتنمية ببقاء السوق. ومنذ تلك اللحظة تحول السوق إلي سوق نشط، استقطب مجموعة كبيرة وفئات جديدة من المستثمرين والمتعاملين بالسوق والراغبين في جني أرباح سريعة. طوال الفترة من يوليو 2007 حتي الآن مر سوق الخارج بالعديد من الأحداث، والقرارات المتتالية، بشأن حسم مصير السوق بالإبقاء من عدمه، وشهد إضافة إلي العديد من الشركات المقيدة بالسوق الرئيسي، للتعارض مع شروط الاستمرار بالسوق الرسمي، سواء نتيجة لتعارضها لخسائر عامين ماليين متتاليين أو لعدم الالتزام بالقواعد المقررة. كان من أهم هذه الشركات العامة لاستصلاح الأراضي ومساهمة البحيرة، ليصل إجمالي عدد الشركات المتداولة بسوق الأوامر إلي 9 شركات.
العام الماضي تزايدت الأقاويل حول مصير السوق إلي أن حدد مجلس إدارة البورصة السابق مجموعة من القواعد التنظيمية للسوق وكان أهمها تداول سوق الخارج خلال فترة الجلسة الرئيسية لمدة ساعة يوميًا، واستمر الحال إلي أن تولي مجلس إدارة البورصة الجديد، الأسابيع الماضية.
علي مدي 3 اجتماعات لمجلس الإدارة خلال الأيام الماضية بشأن سوق الخارج انتهي المجلس إلي عدد من التوصيات فجرت وأثارت ردود فعل متبانية بين الخبراء حول هذه التوصيات ومدي جدواها علي السوق. التوصيات التي تضمنت إعادة جلسة السوق إلي ما بعد جلسة السوق الرئيسية، وإطالة مدة التسوية اعتبرها عدد من الخبراء والمحللين مجرد مسكنات وقتية، بمنطق ليس في الإبداع أفضل مما كان، فيما اعتبرها فريق آخر أنها »تهريج«. ما الهدف من إعادة جلسة سوق الخارج إلي ما بعد جلسة السوق الرئيسية، ولمصلحة من يتم مد فترة التداول اليومي من أجل أربعة أو خمسة أسهم.. سؤال طرحه حسين الشربيني عضو مجلس إدارة البورصة السابق حول التوصيات التي اقترحتها إدارة البورصة في اجتماعها الأخير.
التوصيات بحسب وصف »الشربيني« مجرد مسكنات وقتية، في ظل عدم وجود حلول جذرية بشأن السوق.. فسبق أن قرر مجلس الإدارة السابق إجراء التداول علي أسهم سوق الخارج منتصف جلسة السوق الرئيسي، بهدف عدم إطالة فترة التداول للسوق. وتساءل قائلا: »ما السر في إعادة السوق لوضعه السابق وفصله عن السوق الرئيسي«. أعتقد أن الحلول المناسبة هي منح فرصة للشركات المقيدة بسوق الأوراق لتوفيق أوضاعها وفقًا لقواعد القيد الجديد«، بحسب قول الشربيني.
صحيح أن مد فترة التسوية قد تساهم في الحد من المضاربات كما قال إلا أن ذلك لم يكن حلاً جذريًا حيث إن هناك العديد من الثغرات التي قد يسلكها المستثمرون للتلاعب والمضاربة علي الأسهم. »إذن ليس من المنطقي أن يكون لسوق الخارج جلسة خاصة« تبعًا لقول الشربيني. مد فترة التسوية علي حد قول الدكتورة هدي المنشاوي خبير أسواق المال سوف يزيد من المضاربات، لأن العديد من المساهمين يعتبرها وسيلة جيدة لجني المزيد من المكاسب، والتوصيات صدرت لمصلحة كبار المستثمرين ومن وجهة نظري وفقًا لقولها مجرد مشهد ضمن مسلسل للقرارات العشوائية والمتخبطة. ولا أحد يعلم حتي الآن الهدف من تقسيم وتجزئة مدة التسوية إلي »T+ 2« حتي نهاية العام تم »T+4« منذ مطلع العام الجديد إلي شهر أبريل 2010، ثم مد فترة التسوية إلي »T+6«. »التوصيات تحمل العديد من علامات الاستفهام.. وهي للأسف إجراءات عكسية، فبدل تحديد ضوابط منظمة ومنطقية للسوق، تواصل البورصة ألغازها بشأن السوق« هذا ما علق به جلال الجنزوري خبير أسواق المال. وتابع أن »هذه الإجراءات سوف تضاعف المضاربات خلال نصف الساعة، كما أنه طالما طالت التسوية سيعطي فرصة للمضاربين لوضع استراتيجيات للتلاعب« ربما وفقا لما يراه شريف سمير خبير أسواق المال فإن التوصيات ستساهم في القضاء علي المتلاعبين والمضاربات في السوق بصورة تدريجية إلي أن يتم إطلاق رصاصة الرحمة علي السوق بالإلغاء أو بما يحقق مصلحة المستثمرين.
»فالشركات المقيدة بهذا السوق تفتقر للسيولة وبالتالي لا داعي لاستمرارها، وما اتخذته إدارة البورصة من توصيات سيحمي حقوق صغار المستثمرين« ويقول سمير لقد طالبنا البورصة مرارًا وتكرارًا بمثل هذه الإجراءات إلي أن قامت باقتراحها فعلاً وفقًا لقوله. لا بديل لهذه الشركات من توفيق أوضاعها بحسب قول هاني حلمي خبير أسواق المال فالسوق تمثل أحجام تعاملاته نسبة لا يستهان بها في السوق الرئيسي. كما أن العديد من الشركات المقيدة تسجل كمية تداول علي أسهمها كبيرة، وهذا يتطلب حلاً جذريًا من إدارة البورصة بمطالبة الشركات بتوفيق أوضاعها. سوق خارج المقصورة ظل مثار جدل طوال السنوات القليلة الماضية ويبدو أنه سيظل كذلك خلال الفترة المقبلة خاصة مع استقبال السوق لشركات جديدة خاصة الشركات التي لن تقوم بتوفيق أوضاعها بالسوق الرئيسي.