الإستراتيجيات البديلة والاستثمارات الموازية.. طوق النجاة لشركات الخدمات المالية

اتجهت أنظار المتعاملين بالسوق خلال الفترة الأخيرة لبحث حجم المخاطرة التي ينطوي عليها قطاع الخدمات المالية المتداولة بالبورصة في ظل محاولاتهم المستميته للوقوف على نقاط الضعف والقوى بالأسهم المتداولة للتحوط من التقلبات العنيفة التي تمر بها الأسواق المحلية والعربية العالمية وأن هذا القطاع يتسم بارتباطه الوثيق بمدى كفاءة أداء السوق المالية، مما أضفى عليه مزيدا الغموض الذي زاد من صعوبة إمكانية التكهن بمدى قدرة هذه الشركات على تحقيق معدلات ربحية جيدة خلال الفترات المقبلة .

وعلى الرغم من تأكيد خبراء سوق المال على ارتفاع حجم المخاطرة بهذا القطاع نتيجة تأثره العنيف بانخفاض متوسط حجم التداول خلال الفترة الأخيرة، وارتفاع معدلات الاسترداد وخسائر بيع الأوراق المالية، فإنه في المقابل استطاع عدد كبير من أسهم القطاع الحفاظ على بعض من جاذبيته بدعم من التراجع العنيف وهو بنسب تجاوزت أسوأ سيناريو متوقع لتراجع الأرباح، وهو هبوط مضاعفا ربحيتها إلى مستويات جاذبة للاستثمار .

وشدد الخبراء على أهمية توافر عدد من الخصائص الإيجابية في أسهم قطاع الخدمات المالية لدعم تأهلها إلى مرتبة الاستثمار الجاذب خلال الفترة الراهنة، والتي تلخص في القدرة على التوسع في أنشطة موازية بدفع من توافر السيولة المالية لديها، علاوة على ضرورة وجود استراتيجيات ذات جدوى حقيقية لتقليص حجم الفجوة التي ستحدثها تقلبات السوق على أرباح هذه الشركات .

وقال خالد الطيب عضو مجلس إدارة شركة بايونيرز القابضة للاستثمار المالية إن ارتفاع حجم المخاطرة بقطاع الخدمات المالية غير المصرفية لايمثل استثناء عن باقي قطاعات السوق التي باتت محاطة بالعديد من علامات الاستفهام حول مدى قدرتها على التصدي لتداعيات الأزمة الراهنة في محاولة للحفاظ على معدلات ربحية معتدلة تدعم جاذبيتها الاستثمارية .

وأضاف أن مدى جاذبية الشركات المتداولة بقطاع الخدمات المالية وحجم المخاطرة التي ينطوي عليها يتوقف على عدد كبير من العوامل تدعم الميزانيات التنافسية لأي من هذه الشركات بغض النظر عن المخاطر المحيطة بالقطاع، التي تتمثل في حجم السيولة المالية المتاحة بالشركة وتدعم قدرها عل الدخول في استثمارات جديدة تقلص من حجم الفجوة الربحية التي سيخلفها انهيار السوق، علاوة على استراتيجيات التوسعية والحصة السوقية التي تحتلها الشركة والتي تؤهلها للصمود أمام التراجع المرتقب في معدلات أرباح هذه الشركات .

وأكد الطيب أنه على الرغم من وجود تأثير سلبي مرتقب لتداعيات الأزمة العالمية على أرباح هذه الشركات فإن الأسعار السوقية التي بلغتها هذه الأسهم عكست حجم التراجع المنتظر في أرباح الشركات بل تجاوزته في كثير من ا لحالات، مثل سهم المجموعة المالية "هيرمس "،الذي فقد خلال الأزمة الراهنة حوالي 80% من قيمته السوقية في حين أن مقدار تراجع أرباحها لن يصل في أي حال من الأحوال إلى هذه النسبة، وهو ما يدعم جاذبية الاستثمار في هذه الأسهم .

وأشار عضو مجلس إدارة شركة "بايونيرز " القابضة للاستثمارات المالية إلى أن الأزمة الراهنة أثمرت عن العديد من الجوانب الإيجابية التي قد يغتنمها البعض لتعظيم حصته السوقية بعد انتهاء الأزمة الجارية، التي تتلخص في فرص الاستحواذ المتزايدة على الكيانات المتوسطة والصغيرة العاملة في مجال تداول الأوراق المالية، المنتظر أن تتضاءل قوتها على الصمود أمام التقلبات العنيفة التي تختبرها السوق المحلية حاليا، بالإضافة إلى التوسع في استثمارات جديدة بمختلف المجالات بما يوفر التنويع المناسب لاستثمارات الشركة التي ستؤهلها بامتصاص التداعيات المرتقبة، والحفاظ على جاذبيتها السوقية .

وأكد الطيب أن عنصري توافر السيولة وقوة المركز المالي قادران على دعم جاذبية عدد من الأسهم المتداولة بهذا القطاع بجانب مدى نشاطها في اتخاذ خطوات جادة لمواجهة الصعوبات المقبلة، لافتا إلى أن قطاع الخدمات المالية يتمتع بالحرية المطلقة في طرق أي من المنافذ الاستثمارية المختلفة بما يوفر له العديد من السبل الفعالة لمواجهة الأزمة الراهنة .

ومن جانبه أوضح وائل زيادة رئيس قسم البحوث بالمجموعة المالية "هيرمس "، أن قطاع الخدمات المالية يتسم بارتباطه الوثيق بالأوضاع المختلفة التي تختبرها الأسواق المالية، مما يعرض قدرته على تحقيق أرباح جيدة لتقلبات عنيفة وفقا لأحجام التداول الذي يؤثر ارتفاعا على تعاظم وتراجع أرباح الشركات .

وأكد زيادة، أنه على الرغم من ارتفاع حجم المخاطرة التي ينطوي عليها هذا القطاع فإن مدى جاذبيته لا يزال مرهونا بمدى قدرة شركات الخدمات المالية على التصدي للتراجع المرتقب بأرباحها خلال الفترات المقبلة، والذي يعتمد بدوره على عدد كبير من العوامل المتمثلة في قوة المراكز المالية للشركة وحصتها السوقية، بالإضافة إلى قدرتها على إجراء توسعات جديدة وفقا لكفاءة توجهاتها الاستثمارية لافتا إلى أن العناصر المكونة لقطاع الخدمات المالية المتداولة بالبورصة تختلف فيما بينها وفقا للعوامل السابقة، مما يتطلب التعامل مع كل حالة على حدة .

وأكدت سها النجار رئيس قسم البحوث بشركة "فاروس " لتداول الأوراق المالية أن هناك العديد من العوامل التي ضاعفت من حجم المخاطرة بهذا القطاع بداية من اعتماده على حجم عمولات الوساطة المالية، التي ترتبط بصورة مباشرة بمتوسط أحجام التداول اليومية، الذي تراجع بصورة عنيفة خلال الفترة الأخيرة من 2 مليار جنيه إلى ما يدور حول 500 و 600 مليون جنيه يوميا مما أفقد هذه الشركات عنصرا رئيسيا من موارد ربحيتها .

وأشارت النجار إلى صعوبة التكهن بمقدار الأرباح التي يمكن تحقيقها في ظل موجات التذبذب الحادة التي اجتاحت السوق المحلية، خاصة أن توقعات الأرباح ترتبط بنسبة كبيرة بالقدرة على التنبؤ باتجاه السوق ومدى قدرتها على استعادة عافيتها خلال الفترة المقبلة، لاسيما في ظل صعوبة الاعتماد على أساس تاريخي لقياس معدل الربح المتوقع لتباين أحجام التداول والظروف السوقية التي مرت بها السوق المحلية على مدار السنوات الماضية .

وأضافت النجار أن قطاع الخدمات المالية يواجه من ناحية أخرى ارتفاع معدل الاستردادات من نشاط إدارة الأصول الناجم عن ذعر المتعاملين من موجات الانهيار الراهنة، وهو ما أفقد الشركات عنصرا آخر من عناصر ربحيتها، بالإضافة إلى خسائر بيع الأوراق المالية التي تمثل المحفظة الخاصة باستثمارات الشركة التي لجأ بعضها لبيعها خلال الفترات الأخيرة .

وأكدت رئيسة قسم البحوث بشركة "فاروس " لتداول الأوراق المالية أنه على الرغم من السلبيات المتزايدة التي أطاحت بهذا القطاع، فإنه من الصعب أن نجزم بانعدام جاذبية في ظل التدني العنيف الذي أطاح بالقيم السوقية لهذه الأسهم شأنها شأن باقي الأسهم المتداولة والتدني أضفى عليها قدرا مناسبا في الجاذبية بدعم من تجاوز قيمتها العالية لأسوء سيناريو يمكن الاعتماد عليه للتكهين بأداء هذه الشركات خلال الفترات المقبلة .

وأوضحت النجار أن هناك العديد من الأسهم التي وصل معدل التراجع في قيمتها السوقية إلى حدود قيم أصولها الفعلية، مما أضفى على هذا النوع من الاستثمار قدرا من الطمأنينة بحيث أنه في حال استمرار الشركة على منوال الخسائر المرتقبة فإن الشركة قادرة على رد قيمتها الحالية في حالة التصفية .

وأشارت إلى أن هذا النوع من الشركات مرشح بقوة لفرص الاستثمار طويلة الأجل خاصة في حال احتواء أسهمها على بعض الدعائم المالية التي تؤهلها لهذا النوع من الاستثمار التي تتمثل في مدى تنوع خدمات الشركة وقدراتها التوسعية بالإضافة إلى حجم حصتها السوقية وتنويع خدمة عملائها بين المؤسسات والأفراد والمصريين والعرب والأجانب علاوة على أهمية التوسع الجغرافي رغم انخفاض أهميته النسبية في ظل تراجع الأسواق العربية والأجنبية .

وبدوره أشار حسين عزمي رئيس قسم البحوث بشركة "A.T" القابضة للاستثمارات المالية، إلى أن طوق النجارة الرئيسي لشركات الخدمات المالية يمكن في مدى قدرة السوق على استعادة عافيتها سريعا، والارتداد بقوة نحو موجة صعود جديدة، فيما قد تلجأ بعض الشركات للحد من خسائرها بدعم من المعيار المحاسبي الجديد الذي يسمح بتحويل المحافظ المالية بغرض المتاجرة إلى الاحتفاظ مما يحمي الشركات نسبيا من وجود تأثير سلبي مباشر على قوائم الدخل، ضاربا مثالا بشركة "الأهلى " للتنمية والاستثمار، التي قد تتجنب تراجع قيم أصولها المالية المتداولة من خلال هذا المعيار الذي يتطلب –فقط - إرجاء التصرف في هذه الأسهم لمدة لا تقل عن عام .

وأكد عزمي أنه على الرغم من التراجع المرتقب في أرباح شركات الخدمات المالية، فإنها لا تزال تتداول تحت قيمتها الحقيقية بحد أدنى 35-40% بعد حساب تراجع الأرباح، وهو ما يؤكد جدوى الاستثمار في هذه الأسهم خلال الفترة الراهنة .

وتوقع عزمي أن تشهد الفترة المقبلة موجة من التذبذب المعتدل في اتجاه عرضي يغلب عليه اللون الأخضر لحين استكمال مرحلة التجميع للمراكز المالية، التي تنتهي معها موجات الترقب الراهنة، لتندفع بعدها السوق نحو موجة صعود جديدة لافتا إلى أن قطاع الخدمات المالية يأتي ضمن الترشيحات الجاذبة للاستثمار خلال هذه الفترة لقدرته على تحقيق معدلات ربحية لتصل في بعض الأحيان إلى 60%، وذلك بجانب القطاعات الجاذبة الأخرى بصدارة قطاعي الأغذية والصناعات الدوائية .